هل يجب عليك تعلم كل انواع مدارس تحليل حتى تنجح في مجال التداول...?
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً وسهلاً بكم في فقرة "تجارب من واقع حياة متداول"، حيث نناقش مختلف المواضيع والمشاكل التي يواجهها المتداولون.
في هذا المقال، سنناقش موضوعًا مهمًا للغاية، ألا وهو "لماذا لا يجب عليك البحث عن الكمال في التحليل، أو دراسة جميع أنواع مدارس التحليل حتى تنجح في مجال التداول". على الرغم من أنني أعتقد أن هذا الأمر صحيح بنسبة 70%، إلا أنني أؤمن بأن معظم المتداولين يقعون في هذا الفخ المعقد والمدمر.
**المتداول المبتدئ والبحث عن الكمال:**
للأسف، يعتقد العديد من المتداولين المبتدئين أنه يجب عليهم دراسة كل شيء عن التحليل الفني، والتحليل الفلكي والزمني، ومبادئ وايكوف، وموجات إليوت، ومنظومات ICT وSMC وFMS، وغيرها من أنواع التحليل المختلفة، حتى يتمكنوا من قراءة الرسوم البيانية (الشارتات) بشكل أفضل، وبالتالي إيجاد أفضل نقاط الدخول. هذا الاعتقاد غير منطقي على الإطلاق.
دعونا ننظر إلى الأمر بواقعية، هل تحتاج إلى دراسة جميع سلوكيات ومشاعر الناس حول العالم حتى تتعلم كيف تفهم عقلية صديقك أو أخيك أو أمك أو زوجتك؟ بالتأكيد لا! أنت تحتاج فقط إلى فهم احتياجاتهم لتلبية تلك الاحتياجات. وبالمثل، في عالم التداول، أنت لست بحاجة إلى دراسة العشرات من مدارس التحليل المختلفة لإتقانها. أنت تحتاج فقط إلى فهم ما تحتاجه أنت شخصيًا، وفهم ما يحتاجه السوق منك حتى تنجح. هناك أنواع مختلفة من المتداولين، مثل المضاربين، والمتداولين طويل الأمد، والمقامرين، والمتحفظين، والمخاطرين، وغيرها. لذا، يجب عليك أولاً فهم نفسك، ثم فهم ما يحتاجه السوق منك.
على الرغم من اختلاف مدارس التداول ونقاط الدخول، إلا أن لديها جميعًا نقطة مشتركة، ألا وهي توقع اتجاه السوق. فكرة البحث عن الكمال من خلال دراسة جميع المدارس فكرة غير منطقية وغير عملية، حيث يصعب التوفيق بين جميع وجهات النظر المختلفة في وجهة نظر واحدة. وحتى إذا حدث ذلك، يظل الأمر مجرد توقع قابل للنجاح أو الفشل.
هذا النوع الأول من المتداولين، الذي يسعى إلى دراسة جميع مدارس التداول لاعتقاده أنه بذلك سيتمكن من توقع تحركات السوق وحصرها في نطاق ضيق، غالبًا ما يقع في دوامة كبيرة، وفي النهاية يتوقف عن التداول معتقدًا أن هذا المجال مليء بالنصب والاحتيال، دون أن يراجع نفسه أو يضع خطة واضحة المعالم لرحلته في التداول.
**المحلل الناجح والمضارب الفاشل:**
كيف يقع العديد من المتداولين في مشكلة البحث عن الكمال في مدارس التحليل؟ إنهم يحاولون دائمًا الجمع بين مختلف الأساليب، معتقدين أنهم سيصلون يومًا ما إلى الصيغة السحرية التي تربط بين جميع مدارس التحليل، مما يضمن لهم النجاح دون أي خسارة. ولكن، دعونا نناقش النوع الثاني من المتداولين، والذي قد تكون أنت واحدًا منهم. إنه "المحلل الناجح، والمضارب الفاشل". كيف يمكن أن تحدث هذه المعادلة؟ حسنًا، هذا أمر شائع بين العديد من المتداولين المبتدئين.
باعتبارنا بشرًا، نميل إلى البحث عن الأمان، ونحب أن نشعر بالنجاح دون بذل الكثير من الجهد. فكرة أن تكون محللًا ناجحًا دون المخاطرة بأموالك في التداول قد تبدو جذابة للكثيرين. إنهم يشعرون بالنجاح من خلال تحليلهم، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتداول الفعلي، فإنهم يتراجعون خوفًا من المخاطرة واحتمال الفشل. وبالتالي، يبدأون في البحث عن أساليب تحليل أخرى، ويدخلون في دوامة ربط بين مدارس التحليل المختلفة، معتقدين أنهم سيجدون الصيغة النهائية للنجاح. ولكن، كما ذكرنا سابقًا، هذه فكرة غير عملية وغير منطقية.
هناك نوع ثالث من المتداولين المبتدئين، وهم أولئك الذين يتداولون باستخدام حساب تجريبي (حساب ديمو). بالطبع، لا يمكننا إنكار أن الحساب التجريبي يمكن أن يساعدك في تطوير مهاراتك ورفع مستوى خبرتك في التداول، ولكن هناك بعض الأمور التي يجب عليك إدراكها حتى تستفيد منه بشكل صحيح.
أولاً، من البديهي أنك لا تعطي حساب الديمو نفس الأهمية والقيمة التي تعطيها للحساب الحقيقي. أنت تفتح صفقة بناءً على تحليل معين، ثم تنساها لأسابيع أو شهور، لتكتشف لاحقًا أنها حققت آلاف النقاط. هذا قد يجعلك تشعر بسعادة ووهم النجاح، ولكن في الواقع، أنت لم تنجح حقًا. في الحساب الحقيقي، من المستحيل أن تبتعد عن الشارت لساعة واحدة دون مراقبة وضع صفقتك. لذلك، عدم إعطاء حساب الديمو الأهمية الكافية قد يكون كارثيًا عندما تنتقل إلى التداول بحساب حقيقي.
ثانيًا، هناك مبالغة من قبل المتداول المبتدئ في تقييم رأس المال الذي يمكنه تخصيصه للتداول. فهو يضع مبالغ خيالية في حسابه التجريبي، ويتجاهل الخسائر، ويركز فقط على الأرباح لأن الخسائر لا تؤثر على إجمالي رأس المال. إنه يشعر بالسعادة والفخر بسبب الأرباح، ولكن هذا قد يكون خادعًا. لذلك، من المهم أن تضع رأس مال منطقي في حساب الديمو، يتوافق مع وضعك المالي الحقيقي.
ثالثًا، عدم الالتزام بإدارة رأس المال، والإدارة السيكولوجية، واختيار نقاط الدخول المناسبة. هذه مشكلة كبيرة يواجهها العديد من المتداولين، حيث يفتحون حساب ديمو بمبلغ خيالي، ويدخلون في صفقات دون دراسة حجم اللوت ومقدار المخاطرة، ودون انتظار إشارة واضحة للدخول.
في الختام، هناك الكثير مما يمكن مناقشته في هذا الموضوع، ولكنني أعتقد أن ما ذكرته كافٍ جدًا لجعلك عزيزي القارئ، تعيد التفكير في استراتيجيتك وتبدأ من جديد. لقد أصبح من الواضح الآن أن الاستمرار في البحث عن الكمال في التحليل لن يوصلك إلى أي مكان، وستظل عالقًا في دائرة مفرغة. في المقال القادم، سنناقش الخطوات العملية لإصلاح هذه المشكلات، لأن هناك فرقًا بين توضيح المشكلة وطرح الحلول المحتملة. دمتم في أمان الله ورعايته.
رابط مقالة "كيف يستطيع المتداول التعامل مع مشاكله":